أنت هنا
مكانة المرأة وحقوقها بين الخطاب الديني والمعتقدات الشعبية
كلمة المؤسسة المصرية لتنمية الأسرة
قد تبدو الثقافة الشعبية للوهلة الأولي مجرد تعبير سطحي لبعض الأمثال والممارسات والأفكار النمطية المعاشة يومياً بين بعض الفئات من بعض المستويات وأنها غير مؤثرة علي طبيعة الحياة بشكل أو بأخر ، بل هو مجرد مسحة باهتة لا تضر ولا تنفع ، ولكن في ضوء العمل مع بعض الملفات الإجتماعية والثقافية والقانونية وغيرها من الملفات أو القضايا نجد أن الثقافة هي ضلع أساسي ،وربما تكون في بعض الحالات الضلع الوحيد المؤثر في بعض الممارسات والسياسيات .
وعند أستعراض ملف حقوق المرأة وقضاياها بداية من العنف والتمييز وانتهاءً بالصور النمطية والأدوار الإجتماعية نجد أن الثقافة هي الفاعل الرئيسي في تثبيت وتجديد أفكاراً متجذرة ومتوارثة علي مر الأجيال ، وتزداد هذه الأفكار إستقراراً وثباتاً في بعض الأحيان إذا أكتسبت قدسية الصبغة الدينية التي هي في الأصل بريئة تماماً من تلك الأفكار، وتمنحها تلك الصبغة الدينية القدرة علي الصمود أمام أي منطق والصلاحية المطلقة للتوارث عبر الأجيال ، ويؤكد هذا خطورة الثقافة وأثرها علي الممارسات الحياتية خاصة إذا صبغت بهذه الصبغة الدينية .
لذا ومع سنوات عملنا وجدنا أن هناك تداخل وتشابك بين الثقافة والعادات والتقاليد والأدوار الإجتماعية من ناحية ، والجانب الديني أو الشرعي من ناحية أخري فيما يخص قضايا النساء ، فكلاهما يعضد بعضه بعضاً وخاصة عندما نتناول قضايا النساء وحقوقهن ، وهو ماشجعنا وحثنا علي أستعراض التماس الواضح بين الجانبين – الديني والثقافي – فيما يخص قضايا النساء في ثلاث قضايا شائكة يتضح فيها التداخل والإختلاط بين الجانبين وهي قضايا القوامة وتعدد الزوجات وضرب الزوجات .
ويسعد المؤسسة المصرية لتنمية الإسرة أن تقدم هذا العمل الذي يتناول العلاقة بين الخطاب الديني والثقافة الشعبية فيما يخص حقوق النساء علي مستوي التأويلات والأراء الدينية والأمثال الشعبية ، وتهدف الدراسة إلي إثبات دور وأثر الثقافة علي جل حياتنا ، وهو ما يتطلب بذل الجهود من أجل إصلاح وتغيير بعض الممارسات والعادات التي تجذرت علي مر مئات السنين بفعل الثقافة وأثرها علي حياتنا، وتصدينا لأثر الثقافة وفعلها هو بداية لعمل كبير نسعي للقيام به من خلال البحث ونشر الوعي .
وتأمل المؤسسة المصرية لتنمية الأسرة أن يكون هذا الإسهام إضافة إلي الجهود الرامية إلي تعزيز حقوق النساء وصيانة كرامتهن الإنسانية في مواجهة المفاهيم المغلوطة والتنميط السلبي، وبناء ثقافة تحترم النساء والرجال علي حد السواء .